Sunday, February 6, 2011


تغير القلب...

  كتبت: وفاء مطالقه 

أيام كانت تفصلها عن عيد الحب، أرادت أن تحتفل بطريقة مميزة هذا العام, فشهر شباط فيه العديد من المناسبات. بدأتْ بإعداد قوائم بأسماء الأصدقاء المقربين, وأصناف المأكولات اللذيذة, كررتْ الكتابة والشطب عدة مرات إلى أن توصلتْ إلى قرار بأن يكون الاحتفال عائليًا. قررتْ إقامة سهرة بسيطة تجمعها مع عائلتها الصغيرة. وكتبتْ قائمة بأنواع الأطعمة التي يحبها كل فرد من أفراد عائلتها, ثم غيّرتْ الخطة. “أريدُ دعوة عائلتي العزيزة إلى عشاء خارج المنزل, أريدُ شيئًا خارجًا عن المألوف هذا العام!” هذا ما أرادته في قرارة نفسها، واتصلتْ مع المطعم الذي تفضله وعائلتها وحجزت طاولة لأربعة أشخاص. 



غير متوقع

لم يبقَ سوى ثلاثة أيام تفصلهم عن يوم الحب. فجأةً شعرَ زوجها بألم شديد, وبعد مراجعة الطبيب تبيّن أنه بحاجة إلى عملية جراحية لتبديل شرايين رئيسية في القلب. وللصدفة، تحدد موعد العملية ليكون في 14 شباط.. يوم الحب! كان بالفعل كما أرادتْ.. كل شيء خارج عن المألوف!



منذ فجر حُبِّ ذلك اليوم, كانت إلى جانب زوجها في المستشفى, تشجعه وهي بحاجة لِمَن يشجعها.. تمدّه بالعزم وهي بحاجة لِمَن يمدّها به. لم تعتد أن تكون هي الأقوى، فعهدها به هو الأقوى والأقدر على التحمّل. وبالفعل، كان يتمتع بهدوء لم تعتد عليه من قبل. عند ذهابه إلى غرفة العمليات، وَعدَها أن يبقى بجانبها حتى بقية العمر. رافقته حتى باب الغرفة، قاومت لكي لا يرى ضعفها وحزنها.. استودعته الله الذي لا تضيع ودائعه, وبدأت تصلي وتدعو الله أن يعيده إليهم سالمًا معافى.


استذكار الماضي

مرتْ الساعات وكأنها سنوات حبها له.. استذكرتْ كل تفاصيل حياتهما معًا منذ تعارفا لأول مرة, ومنذ اتفقا على الزواج, ومنذ بداية الحب الذي جمعهما! لم تتذكر سوى أجمل الأوقات وأروعها. كانت تنصاع لوساوس شيطانية وتتخيل حياتها بدونه, ولكنها أدركت عمق حبها له, وتذكرت أنه وعدها بأن يكون إلى جانبها حتى آخر العمر. وقالتْ في نفسها "سينجو, إن شاء الله سينجو".

مرت أربع ساعات.. خرج بعدها الجراح يسأل عن زوجة المريض وأخيه, لم تقوَ على الوقوف حتى سمعته يقول “الحمد لله على السلامة, جرت الأمور بشكل ممتاز، وهو بصحة جيدة”. بكت وضحكت وشعرت بدوران، ولم تفلح في التعبير عن الفرحة التي غمرتها، وبأن الله تعالى رحمها وأطفالها بعودة زوجها إليهم سالماً. 


القلب أم العقل؟

عندما دخلتْ إلى غرفة العناية المركزة, كان زوجها شبه نائم تحت تأثير التخدير.. نادته باسمه بصوت عالٍ, فالتفتَ إليها وابتسم, ودمعتْ عيناه. حاول أن يكلّمها، إلا أن الطبيب أخرجها قائلاً "لا نريد أية انفعالات الآن".



أصبح زوجها، كما أطلق عليه الأصدقاء، رجل بقلب جديد. وبدأت تتساءل هل فعلاً هناك علاقة بين القلب والمشاعر؟ وهل من المعقول أن  تختلف مشاعر الإنسان عندما يجري أي عملية جراحية في القلب؟ أين تكمن المشاعر أصلاً، في القلب أم العقل؟ 


جاء حديث الدكتور جمال الخطيب، استشاري الطب النفسي، ليطمئنها مما كانت تخشاه؛ إذ قال لها أن القلب ما هو إلا أحد مخرجات المشاعر والعواطف الإنسانية. وأن مشاعر الإنسان لا يمكن أن تتغير جراء عمليات القلب؛ لأن جوهر المشاعر يتشكل في الدماغ ويبقى القلب هو النافذة التي تعبّر عن الحب.

شكرت الله تعالى على سلامته، واطمأنت بأن قلبه الجديد، كما قال الأصدقاء، لن يعشق أو يحب سواها.